01‏/06‏/2009

الإعاقة: المصطلحات والنماذج

للإعاقة بشكل عام تعريف وصفي يفيد بـأنها عبارة عن "فقدان أو تقصير وظيفي، بدني أو حسي أو ذهني، كلي أو جزئي، دائم أو مؤقت، ناتج عن اعتلال بالولادة أو عن حادث ما، أو مكتسب عن حالة مرضية دامت أكثر مما ينبغي لها أن تدوم؛ ويؤدي إلى تدني أو انعدام قدرة الشخص على ممارسة نشاط حياتي هام واحد أو أكثر، أو على تأمين مستلزمات حياته الشخصية بمفرده. أو المشاركة في النشاطات الاجتماعية على قدم المساواة مع الآخرين، أو ضمان حياة شخصية أو اجتماعية طبيعية بحسب معايير مجتمعه السائدة".

وهذا التعريف كما هو واضح يحتاج إلى عمل كثير لتحديد التوصيفات بشكل أدق، ولم يتوصل الخبراء إلى تعريف موحد يمكن اعتماده، والبناء على أساسه، إذ أن التعاريف الموسعة التي تأخذ بها البلدان المتطورة يمكن الباحثين والخبراء من تقسيم الإعاقة إلى درجات، وبالتالي يتم التوجه إلى الأشخاص المعوقين من خلال درجة إعاقتهم، أما التعاريف الضيقة التي تأخذ بها البلدان العربية، ومنها لبنان، فتستثني كثيرين من الأشخاص المعوقين، وخاصة ذوي الإعاقات غير الظاهرة. ويعرف الشخص المعوق في مجال العمل، وفقاً لمنظمة العمل الدولية، مثلاً، بأنه الشخص الذي تنخفض بشكل حاسم فرص حصوله على عمل أو العودة إلى عمله السابق أو فرص تدريبه وترقيته في عمله الحالي نتيجة خلل أو صعوبة واضحة في قدراته العقلية أو الحركية أو الحسية.


في المصطلحات

تعكس اللغة التي نستخدمها مدى احترامنا وتقبلنا للآخر. فاستخدام لغة مناسبة عند التحدث والتخاطب مع، وعن الأشخاص المعوقين، يعتبر خطوة أساسية نحو بناء مجتمع دامج متنوع يتقبل أفراده كافة، وفق سياسة المنظمات الحقوقية التي تعمل على تكافؤ الفرص للأشخاص المعوقين وغير المعوقين، بناء على تعريفها للدمج على أنه "إيمان تام بحق كل فرد في المشاركة الكاملة في المجتمع، وقبول تام بالاختلاف والتنوع". في سبيل تحقيق ذلك، يجب الإشارة دائماً إلى كلمة "شخص" عند التحدث عن الأشخاص المعوقين انطلاقاً من اعتبار أن الأشخاص المعوقين هم أشخاص بالدرجة الأولى ومن ثم تأتي الحاجة الإضافية أو الإعاقة. وقد عمل هذه المنظمات بقوة على تطوير المصطلحات بما يلائم الأشخاص المعوقين ويحفظ كرامتهم. ومن ذلك التعابير المبينة في الجدول أدناه،:




في النماذج

من خلال تعريف الإعاقة يتضح أنها ليست مجرد حالة طبية، لكنها حالة تنجم عن تفاعل بين عدم أداء وظيفي بدني أو ذهني أو حسّي وبين الثقافة والمؤسسات الاجتماعية والبيئة المادية. غالباً ما يكون الشخص المحدودة قدراته البدنية أو الذهنية معوقاً، لا بسبب حالة يمكن تشخيصها، بل بسبب حرمانه من التعليم والخدمات العامة، ويؤدي هذا الحرمان إلى الفقر الذي يؤدي بدوره إلى مزيد من الإعاقة نتيجة لتعريض الشخص المعوق إلى مزيد من سوء التغذية والأمراض وظروف غير مأمونة في الحياة والعمل. ويُعرف مفهوم الإعاقة هذا بالنموذج الاجتماعي للإعاقة، أي النظرة إلى الشخص المعوق من تحت مظلة حقوق الإنسان التي كفلتها المواثيق والشرائع، والإيمان بقدراته. ويقارن هذا النموذج بالنموذج الطبي الأقدم للإعاقة الذي يركّز على الحالة الإكلينيكية للشخص المعوق، في حين أن النموذج الاجتماعي يصور الإعاقة على أنها تفاعل بين أوجه العجز والقصور في وظائف الأفراد وبين البيئة.

ينظر المجتمع إلى الأشخاص المعوقين ويتعامل معهم من خلال ثلاثة نماذج، الأول هو النموذج الطبي، باعتبار الشخص المعوق حالة طبية ينبغي التعامل معها في المراكز الطبية، وهذه النظرة ناتجة عن تفكير خاطئ، خارج إطار الحقوق.

أما النموذج الثاني، وهو الأكثر شيوعاً، فيزيد عن النظرة الإكلينيكية، معاني العطف والشفقة، ويسمى بالنموذج الخيري الرعوي، فينظر إلى الشخص المعوق على انه إنسان ضعيف لا يستطيع أن يصرف أموره لوحده وانه يستحق الشفقة كثيراً، لذا يجب على أي إنسان ألا يجرح مشاعره بكلمة، مثلاً، وأن تتم رعايته في مؤسسات مغلقة، وغالباً ما تستعمل هذه المؤسسات الرعوية الأشخاص المعوقين لاستدرار عطف الجماهير ويكون لها مآرب مادية آنية، كما يحدث في المواسم الدينية والمناسبات...ولكن يتناسى أصحاب هذه المؤسسات الرعوية، والإطار القانوني الذي ما يزال يؤمن استمراريتهم في لبنان، أنهم يزيدونه هماً وأسى ويشعرونه "بحنانهم الزائد" المصطنع المزين بالشفقة، وبالتالي وفق الدراسات يزيدونه تهميشاً وابتعاداً عن المجتمع، وتجهيلاً كذلك.

أما النموذج الثالث، النموذج الاجتماعي، القائم على الحقوق باعتبار الشخص المعوق هو إنسان يتمتع بكامل الحقوق التي تضمنتها شرعة حقوق الإنسان، والاتفاقيات الدولية، وآخرها الاتفاقية الدولية بشأن حقوق الأشخاص المعوقين الصادرة عام 2006، والتي مرت مرور الكرام في مجلس الوزراء الحالي وتقف على عتبة مجلس النواب للمصادقة عليها.

من نافلة القول إن المنظمات المدنية الحقوقية المطلبية تناضل منذ 25 عاماً وفق النموذج الاجتماعي، لاغيةً بذلك النظرة التاريخية الموروثة تجاه الأشخاص المعوقين، حيث كان المجتمع، وما يزال بعضه للأسف، يتعامل معهم تحت سقف الشفقة والعطف، والسخرية أحيانا، حاداً من قدراتهم، مهمشاً إياهم.

المصدر: احترموا حقنا بالتصويت - إصدارات الوحدة الإعلامية في اتحاد المقعدين اللبنانيين - 2009، إعداد وتحرير: عماد الدين رائف، إشراف: سيلفانا اللقيس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق