23‏/05‏/2010

مرشحون معوقون يُحملون إلى أقلام اقتراعهم... كمـا حُملـوا لتقديـم طلبـات ترشيحهـم

مرشحون معوقون يُحملون إلى أقلام اقتراعهم... كمـا حُملـوا لتقديـم طلبـات ترشيحهـم







صحيفة السفير، 22 أيار 2010، عماد الدين رائف

أحمد الغُرَبي، مرشح إلى عضوية المجلس البلدي في مدينة صيدا، لن يتحرك بسهولة غدا كي يدلي بصوته في قلم اقتراع في الطابق الثاني في «ثانوية البنات» في المدينة. سيكون على كرسيه المتحرك في مبنى خال من التجهيزات الهندسية التي يفترض أن تحترم حاجاته كشخص معوق. يقول: «تقدمت بطلب ترشيحي في سرايا صيدا، ولم يخل الأمر من عوائق بالرغم من تشغيل المصعد، إذ تمت مساعدتي هناك، وتحضيراً لاقتراعي الأحد طلبت من بعض الشبان مساعدتي في حملي على الأدراج». يترشح أحمد «لخدمة الناس، وأنا بطبيعتي أحب العمل في الشأن العام منذ أيام الحركة الطالبية، ثم تعرضت لحادث عام 1980، وها أنا على الكرسي المتحرك».
عن الحقوق يقول الغربي: «تنقسم أولوياتي بين العمل النقابي والعمل على حقوق الأشخاص المعوقين، ورغم نيات وزير الداخلية الحسنة، لم ينل الأشخاص المعوقون سوى الوعود، ولا تقتصر حركة المطالب على الاقتراع بل تمس كافة جوانب الحياة». لا ينفي أحمد صعوبات كبيرة تعرض لها، «ففي الحياة يتعرض الواحد منا لعوائق كثيرة مع إعاقته الجسدية، إلا أن الإنسان بعمله الفكري وحركته الاجتماعية يمكنه أن يحقق الكثير وتخطي الصعاب». لم يتلق أي إشارات سلبية على ترشحه، لكن قيل عنه انه «مشاكس»، يضيف: «إذا كان الدفاع عن قضايا الناس مشاكسة فهذا وسام أضعه على صدري».
لم ينظر قانون الانتخابات 25/2008 ومرسومه التطبيقي 2214/2009 إلى «الأشخاص المعوقين سوى كناخبين مقترعين، ولم يتعد ذلك إلى إمكانية كونهم مرشحين، أو مندوبي مرشحين، أو رؤساء أقلام. وفي نهاية الأمر نظر إليهم كأصوات لا أكثر». يتحدث فايز عكاشة، المرشح إلى عضوية المجلس البلدي في بلدة البرغلية – صور، لن يكون أوفر نصيباً من أحمد، إذ سيحمل إلى الطابق الثاني في مركز البلدية ليدلي بصوته صباح الأحد. يقول: «أثناء تقديمي لطلب ترشيحي في سرايا صور الحكومية، حملوني على الدرج، وانقسمت الآراء بين المنتظرين، بعضهم قال: هيدا مش مطرحو.. لازم تشوفوله شي مستوصف»، آخر قال: ربما يتم استعماله على إحدى اللوائح لاستدرار عطف الناخبين للتصويت للائحة. آخرون تعاطفوا: ما عم يعمل شي غلط، من حقه أن يترشح كغيره.
ذلك الانقسام في الآراء حول فايز، الذي قضى 24 عاماً في العمل الاجتماعي الحقوقي صاحبه بعد إعلان ترشحه، إلا أن أثبت قدرته على قيادة الحملة الانتخابية للائحة التي تضمه كمرشح. يضيف: «العمل البلدي عمل تنموي، وبإمكاني تقديم الكثير في هذا المجال، وبلدتي كسواها من البلدات تحتاج إلى الكثير من العمل. الفكرة السائدة أن عضوية البلدية منصب، وفي الواقع هي موقع مسؤولية يحتاج إلى وصف وظيفي وإلى طاقات المجتمع خلف أعضاء البلدية للمساهمة في عملية التنمية».
في صيدا، يتمتع مصطفى أبو ظهر، المرشح لمقعد مختار حي الكشك بنشاط وافر، محولاً سيارته الصغيرة إلى مكتب متنقل. يقول: «لي الحق بالترشح كغيري، وربما أكثر، لأنني أحمل قضية حقوقية وعلى مسافة واحدة من جميع التوجهات السياسية، وكل من يريد دعم القضية من السياسيين أو الحزبيين فأهلاً وسهلاً». ينشط مصطفى في العمل الاجتماعي منذ خمس سنوات، وإعاقته نتيجة انفجار عام 1989 لا تزال آثاره على جسده، واستطاع أن ينتقل من الكرسي إلى عكازين ثم أن يسير بدون عكاز، وأن يعمل ليعيل أسرته. يقول: «في البداية تخوفت العائلة أن تتم النظرة بشفقة وقيل لي: «مين بدو ينتخب معوق»! لكني قراري كان ثابتاً فمن خلال حملتي دخلت كافة بيوت الحي وعممت التوعية تجاه قضايا الإعاقة». يضيف: «المقعد الاختياري ليس وجاهة. يمكنني أن أخدم الناس والقضية بشكل أسهل في حال فوزي، فترشيحي بحد ذاته رسالة إلى المجتمع، ومدينتي تحتاج إلى تجهيزات هندسية وتسهيلات لشريحة واسعة فيها. يكفي أن الشخص المعوق إن أراد أن يجري أي معاملة إدارية لا يستــطيع ذلك بنفـسه، إنما من خلال سمسار للأسف.. فهل من المفــترض أن يبقى الوضع على حاله أم ينبغي تغييره؟».
في بلدة النجارية ـ قضاء الزهراني، فضل خضر العلي المرشح إلى عضوية المجلس البلدي سحب ترشيحه رغم تشجيع «الأطراف السياسية في البلدة لي كمرشح، لكنني مع الانقسام العائلي اعتبرت أن سحب ترشيحي من الممكن أن يشكل ضغطاً على العائلة للتوافق في ما بينها وللحفاظ على الوحدة في القرية». يرى خضر أن الإعاقة تحل دون ترشحه أو قبول الناس به، فقد عمل لسنوات طويلة مع الناس في الشأنين الحقوقي والسياسي. يضيف: «لم توجه إلي أي ملاحظة تتعلق بالإعاقة من قريب أو بعيد، فالكل يعرفني في القرية، وكنت أتمنى لو شكلت لائحة توافقية كان من الممكن أن تقدم الكثير للبلدة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق