23‏/05‏/2010

شخص معوق ترشح في بلدة لا يقيم فيها ومعركته "تغيير المفاهيم"


مُقعد ترشح في بلدة لا يقيم فيها ومعركته "تغيير المفاهيم"
فايز عكاشة: احترام التنوع أساس في المجتمع

المرشح فايز عكاشة متحدثاً الى "النهار". (دانييل خياط)
صحيفة الزحلة – من دانييل خياط:
عندما ترشح فايز احمد عكاشة لعضوية مجلس بلدية قريته البرغلية في قضاء صور، اطلق معركة تغيير المفاهيم السائدة، وهي معركة لن تنتهي بإقفال صناديق الاقتراع. والواقع ان عكاشة ترشّح لانه يريد "اخذ دوره الطبيعي والقانوني في العمل في الشأن العام"، بعد تاريخ حافل له في الحقلين الاجتماعي والتنموي الاهلي. ويعتقد "ان العمل البلدي اساس العمل التصحيحي التنموي، لان الفرد يبدأ من منزله قبل ان ينظّر في السياسة العامة".
لم يترشح سعيا وراء مقعد، فمقعده احضره معه سلفاً. هو آت للعمل انطلاقا من "حق المشاركة لكل شخص يتمتع بالامكانات والقدرات والفكر، في الاطار الاشمل لحق التنوع".
يدرك عكاشة انه يتميز عن غيره من المرشحين بالتغطية الاعلامية كونه مقعداً، لكنه يرفض أسره بهذه الصورة، مقدما نفسه "نموذجا يمكنه ان يفتح باب الفرص لآخرين مثلي محكوم عليهم". رسالته يختصرها بأن "هناك ذوي كفايات اكثر مني لكنكم لم تفتحوا لهم مجالات ولا تشجعونهم".
يؤكد انه لو لم يكن على كرسي، لترشح أيضاً: "اعرف قدراتي وما يمكن ان انجزه. عندي مؤسستي وعائلتي وبيتي. انا عنصر فاعل في المجتمع ولا انتظر مساعدة أحد. هناك من زنودهم اكبر من زنودي وركلتهم تهد الحائط، لكنهم غير منتجين". هو متزوج له ابنة وصبيان، اسس عمله الخاص عام 1991، تختصره "مؤسسة عكاشة للطباعة والتصوير". اختار مهنته بعدما درس حاجات السوق، ولم يكتف بالاشغال التي يراد لاصحاب الحاجات الخاصة ان يحصروا انتاجهم بها. علّم نفسه المهنة، واكب تطورها التقني، وبات لمؤسسته اليوم 3 فروع وفريق من الموظفين.
معادلة المجتمع حكمت علي "انني عاجز، لكن ليس لدي مشكلة. اذا قصدت مكانا ولم اتمكّن من دخوله بسبب وجود سلالم، اعتبر ان المشكلة لدى من لم يؤمنوا التسهيلات لمختلف فئات المجتمع. لست انا المعوق، انتم من تعوقونني".
عندما ذهب لتقديم ترشيحه في سرايا صور، في مبنى يعود الى حقبة الانتداب الفرنسي، لم يتهيب السلالم ولا الزحام، بل طلب من مرافقيه حمله صعودا ونزولا وسط تعليقات مستهجنة او مستغربة، واخرى مشجعة. جعل نفسه عرضة لكل الناس ليروا فيه اعاقاتهم كمجتمع وافراد. فحقه في الانخراط في الشأن العام دونه معوقات قانونية واجتماعية لم تثنه عن مراده: هو مقيم منذ 30 عاما في البقاع، فرد من مجتمع بلدة حوش الحريمة حيث يقطن ومن مجتمع بر الياس حيث يعمل، لكنه في مواسم الانتخابات لا يعود موجودا لانه ليس صوتا انتخابيا ولا رأي له في اختيار الشخص المناسب الذي يعيش معه في البلدة لادارة البلدية، ولا في المحاسبة على نوعية الخدمات التي يتلقاها كمكلف.
لذا كان عليه ان يماشي اعاقة القانون ويلحق قيد نفوسه بالبرغلية ليترشح للعمل البلدي. صحيح انه لم يقطع يوما التواصل مع بلدته لكنه كان مدركا انه سيسمع ما سمعه من انتقاد حول ترشحه في بلدة ليس مقيماً فيها، الى انتقادات تتعلق باعاقته.
لكن عكاشه يعرف من خلال عمله الاجتماعي الذي امتد من عرسال الى طرابلس ومن خلال خبراته العملية أن "العالم بات قرية صغيرة". وهو يدرك كمعيل عائلة ورب عمل وناشط اجتماعي كيف "انظم اموري واعطي كل شيء حقه". ويجادل منتقديه: "اذا كنتم تنتقدون اعضاء في المجلس البلدي لانهم لم يحضروا اجتماعاً واحداً، فلماذا تحاسبونني على شكلي او مكان اقامتي ولا تحاسبوا المقيم والقادر على المشي من دون ان يكون منتجا؟".
يأسف لـ "طغيان تقويم الشخص لصفته وشكله وانتمائه قبل تقويم كفاءته. واين يمكن ان يكون، واذا كان يحق له ان يكون او لا. هم من يقررون عني حقي وما استطيع ان افعل". ولانه مؤمن بالتنوع " لا مشكلة لدي ان يكون للمرشح انتماؤه العائلي والسياسي ومعتقده. لكن الاهم هل هو آت من اجل هذه الانتماءات التي غالبا ما تكون للزعامة، او من اجل مصلحة عامة مكونة من كل هذا التنوع؟ البلدية ليست فقط الرئيس ونائبه وامين السر. للباقين ادوار ايضا. ويفترض لكل واحد ان يجد دوره مهما يكن حجم هذا الدور".
يريد من موقعه في المجلس البلدي "نقل خبراتي الى غيري ومشاركتهم في خبراتهم".
منذ 1984، انخرط عكاشة في "اتحاد المقعدين اللبنانيين"، تدرب في هذه المؤسسة وعمل ميدانيا ناشطاً في حقوق الاشخاص المعوقين، قبل ان يصبح مستشارا لها مسلما الراية الى الجيل الثاني. لقد علمته تجربته اهمية "العمل على خطوات وفقا لاولويات متتابعة يكمل بعضها البعض الآخر". هي الطريقة التي اعتمدها الاتحاد الذي باشر التركيز على تطوير العقليات لقبول فكرة التنوع قبل البدء بتنفيذ مشروع الدمج، اكان في التعليم أم في العمل.
ينشد في حال نجاحه في الانتخابات، اقامة "مركز توعية وارشاد حول قضايا اجتماعية متنوعة". فتهيأ الارضية قبل الدخول في اي مشروع، عبر توعية المجتمع المحلي واشراكه في الرأي وتنفيذ العمل، فلا تكون المشاريع مسقطة عليه، إذ "ماذا ينفع افتتاح مكتبة عامة لا يدخلها احد؟".
http://www.annahar.com/content.php?priority=5&table=manatik&type=manatik&day=Sat

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق